فن البسبوسة الصيامى: وصفة الشيف هناء فهمى سرّ الطعم الأصيل

تُعد البسبوسة من الحلويات الشرقية التي تحظى بشعبية جارفة، خاصة في الأجواء الروحانية كشهر رمضان المبارك، حيث تتزين الموائد المصرية بها كطبق تقليدي لا غنى عنه. وبينما تشتهر البسبوسة التقليدية بمكوناتها الأساسية من السميد والزبدة والسكر، يبرز تحدٍ خاص لمن يرغب في الاستمتاع بها خلال فترات الصيام، وهو إيجاد وصفة صيامى خفيفة ولذيذة، تحقق نفس المذاق الرائع بدون المكونات الحيوانية. وهنا يأتي دور الشيف هناء فهمى، التي أتقنت فن تحضير البسبوسة الصيامى، مقدمةً وصفة فريدة تجمع بين الأصالة والابتكار، لتصبح دليلاً لكل من يبحث عن التوازن بين الرغبة في تناول حلوى شهية والحفاظ على مبادئ الصيام.

رحلة استكشاف مكونات البسبوسة الصيامى: ما وراء السميد

إن جوهر أي وصفة ناجحة يكمن في فهم مكوناتها، وفي حالة البسبوسة الصيامى، فإن استبدال الزبدة والقشدة ومشتقات الألبان الأخرى يتطلب دقة واختيارًا واعياً للمواد. تركز وصفة الشيف هناء فهمى على تحقيق قوام رطب ومتماسك، ونكهة غنية، باستخدام بدائل نباتية ذكية.

السميد: حجر الزاوية في كل بسبوسة

يظل السميد هو المكون الأساسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في البسبوسة، سواء كانت تقليدية أو صيامى. ويُفضل استخدام السميد الخشن أو المتوسط الخشن للحصول على قوام ممتع ومميز. السميد الخشن يمنح البسبوسة قوامًا متماسكًا مع بعض “القرمشة” الخفيفة، بينما السميد المتوسط يمنحها نعومة أكبر. في الوصفة الصيامى، يلعب السميد دورًا حيويًا في امتصاص السوائل، مما يساعد على تحقيق التوازن المطلوب في قوام البسبوسة.

الدهون النباتية: سر الرطوبة والنكهة

يُعد استبدال الزبدة الحيوانية هو التحدي الأكبر في البسبوسة الصيامى. هنا، تبرز عبقرية الشيف هناء فهمى في اختيار الزيوت النباتية المناسبة. بدلًا من الاعتماد على نوع واحد، قد تستخدم مزيجًا من الزيوت مثل:

زيت الذرة أو زيت دوار الشمس: يوفران قوامًا خفيفًا ويساعدان على عدم ثقل البسبوسة.
زيت جوز الهند (غير المهدرج): يضيف نكهة استوائية مميزة وقوامًا كريميًا، خاصة إذا تم استخدامه بكمية معقولة.
زيت نباتي مخلوط: قد تفضل الشيف هناء خلط أنواع مختلفة من الزيوت النباتية لتحقيق التوازن الأمثل بين النكهة والقوام.

تساعد هذه الزيوت على ترطيب السميد جيدًا، مما يمنع جفاف البسبوسة بعد الخبز ويمنحها الملمس الناعم الذي نتوق إليه.

مُحليات بديلة: حلاوة بدون تعقيدات

بالإضافة إلى السكر، قد تستخدم وصفة الشيف هناء فهمى مكونات أخرى لإضفاء الحلاوة والتماسك.

الشربات (السكر والماء): يُعد الشربات أو القطر هو أساس تسقية البسبوسة. في الوصفة الصيامى، يتم تحضيره بنفس الطريقة التقليدية، ولكن يجب الانتباه إلى درجة غليانه لضمان امتصاصه بشكل جيد.
العسل النباتي (مثل شراب القيقب أو شراب الأغافي): في بعض الأحيان، يمكن إضافة كمية قليلة من العسل النباتي إلى خليط البسبوسة نفسه أو إلى الشربات لإضافة نكهة عميقة وتعزيز القوام.

مكونات رابطة ومُحسّنة للقوام

لتحقيق تماسك أفضل للبسبوسة الصيامى، ولتعويض غياب البيض والحليب، قد تُضاف مكونات أخرى:

حليب جوز الهند أو حليب اللوز: يمكن استخدام هذه الألبان النباتية بدلًا من الماء في تحضير الشربات أو حتى إضافتها بكمية قليلة إلى خليط البسبوسة لمنحها رطوبة إضافية ونكهة مميزة.
عصير البرتقال: يضيف نكهة حمضية منعشة ويساهم في إضفاء لون ذهبي جميل للبسبوسة، بالإضافة إلى دوره في ترطيب الخليط.
الزبادي النباتي (مثل زبادي جوز الهند أو زبادي الصويا): في حال توفره، يمكن أن يضيف قوامًا كريميًا ويساعد على تماسك الخليط.

خطوات تحضير البسبوسة الصيامى على طريقة الشيف هناء فهمى: دقة وتفاصيل

تتميز وصفة الشيف هناء فهمى بتركيزها على التفاصيل الدقيقة التي تصنع الفارق بين بسبوسة عادية وأخرى استثنائية.

المرحلة الأولى: تحضير خليط السميد الجاف

تبدأ العملية بخلط المكونات الجافة جيدًا. في وعاء عميق، يتم وضع السميد، السكر، جوز الهند المبشور (اختياري ولكنه يضيف نكهة وقوامًا رائعين)، القليل من البيكنج بودر (لإعطاء هشاشة خفيفة)، ورشة ملح. يتم خلط هذه المكونات جيدًا لضمان توزيعها بشكل متساوٍ.

المرحلة الثانية: إضافة السوائل والدهون النباتية

هنا يأتي دور الزيوت النباتية. يتم صب الزيوت فوق خليط السميد، وتُفرك المكونات بالأصابع بلطف شديد حتى يتشرب السميد الزيت تمامًا. هذه الخطوة تُعرف بـ “بس السميد”، وهي ضرورية لضمان عدم تكون كتل جافة ولتحقيق قوام ناعم ورطب للبسبوسة. يجب أن يشبه الخليط فتات الخبز الرطب.

بعد ذلك، تُضاف المكونات السائلة مثل حليب جوز الهند أو الماء أو عصير البرتقال، ويُقلب الخليط بلطف شديد حتى يتماسك قليلاً. نقطة مهمة جدًا في وصفة الشيف هناء هي عدم المبالغة في التقليب. التقليب الزائد يمكن أن يؤدي إلى تطوير الجلوتين في السميد، مما يجعل البسبوسة قاسية وغير لذيذة. الهدف هو مجرد دمج المكونات حتى يتكون خليط متجانس.

المرحلة الثالثة: تحضير وتوزيع الشربات (القطر)

بينما يرتاح خليط البسبوسة لبضع دقائق، يتم تحضير الشربات. في قدر على النار، يوضع السكر والماء، ويُترك ليغلي. يمكن إضافة عصير نصف ليمونة لمنع تبلور السكر، ورشة فانيليا أو قليل من ماء الزهر لإضفاء رائحة عطرية جميلة. يُترك الشربات ليغلي لمدة 5-7 دقائق حتى يصل إلى قوام متوسط الكثافة.

المرحلة الرابعة: الخبز والتسقية

يُدهن طبق الخبز (صينية البسبوسة) بالقليل من الزيت النباتي أو الطحينة. يُصب خليط البسبوسة في الصينية ويُوزع بالتساوي، مع تسوية السطح بلطف. يمكن تزيين الوجه بالمكسرات المفضلة (مثل اللوز أو الفستق) قبل الخبز.

تُخبز البسبوسة في فرن مسخن مسبقًا على درجة حرارة 180 درجة مئوية لمدة 25-35 دقيقة، أو حتى يصبح لون الأطراف ذهبيًا وتظهر فقاعات على السطح.

فور خروج البسبوسة من الفرن، وهي ساخنة، تُسقى بالشربات الساخن فورًا. يجب أن يُسمع صوت “تششش” عند سكب الشربات، وهذا دليل على نجاح العملية. تُترك البسبوسة لتتشرب الشربات تمامًا، وهي خطوة حاسمة للحصول على بسبوسة طرية ولذيذة.

المرحلة الخامسة: التقديم والاستمتاع

بعد أن تبرد البسبوسة تمامًا ويتشربها الشربات، تُقطع إلى مربعات أو معينات وتُقدم. يمكن تزيينها بقليل من جوز الهند المبشور أو المكسرات المطحونة.

أسرار ونصائح إضافية من الشيف هناء فهمى لنجاح البسبوسة الصيامى

لا تكتمل وصفة الشيف هناء فهمى دون مشاركة بعض الأسرار التي تضمن لك الحصول على أفضل نتيجة ممكنة:

جودة السميد: استخدم سميدًا طازجًا من نوعية جيدة، فذلك يؤثر بشكل كبير على قوام البسبوسة النهائي.
عدم الإفراط في التقليب: كما ذكرنا سابقًا، هذه هي القاعدة الذهبية في تحضير البسبوسة، لتجنب الحصول على قوام قاسٍ.
درجة حرارة الفرن: يجب أن يكون الفرن مسخنًا جيدًا قبل إدخال البسبوسة، والحرارة المثالية هي 180 درجة مئوية.
التسقية بالشربات الساخن: تسقية البسبوسة الساخنة بالشربات الساخن هي سر الطراوة واللذاذة.
الصبر عند التبريد: لا تستعجل في تقطيع البسبوسة بعد التسقية. دعها تبرد تمامًا لتتشرب الشربات وتتماسك.
التجربة مع النكهات: لا تخف من تجربة إضافة نكهات مختلفة للشربات، مثل قشر البرتقال، أو الهيل، أو الورد، لإضفاء لمسة شخصية على البسبوسة.
التخزين الصحيح: يمكن حفظ البسبوسة الصيامى في علبة محكمة الإغلاق في درجة حرارة الغرفة لبضعة أيام، أو في الثلاجة لفترة أطول.

البسبوسة الصيامى: أكثر من مجرد حلوى

إن البسبوسة الصيامى، كما تقدمها الشيف هناء فهمى، ليست مجرد حلوى، بل هي تجسيد لفن المطبخ الشرقي وقدرته على التكيف. إنها دليل على أن الاستمتاع بالأطعمة اللذيذة لا يتعارض مع الالتزام الروحي أو الأنظمة الغذائية الخاصة. إنها وصفة تجمع بين التقاليد والابتكار، لتمنحنا تجربة حلوة ومُرضية، خالية من أي شعور بالذنب. إنها قطعة من دفء المنزل، ورائحة الذكريات الجميلة، التي تُقدم على موائدنا ببهجة وسعادة، خاصة في الأوقات التي نحتاج فيها إلى لمسة من الحلاوة والروحانية.