طريقة الروانى للشيف حسن: رحلة في عالم الحلويات الشرقية الأصيلة
تُعدّ الروانى، تلك الحلوى الشرقية الفاخرة، من الأطباق التي تحتل مكانة خاصة في قلوب وعشاق الحلويات في الوطن العربي، وتحديداً في مصر. إنها مزيج سحري من القوام الهش، والنكهة الغنية، والرائحة الزكية التي تعبق في أرجاء المنزل عند إعدادها. وبينما تتعدد الوصفات وتختلف طرق التحضير، تظلّ طريقة الشيف حسن في إعداد الروانى هي المعيار الذهبي للكثيرين، لما تتميز به من دقة في المقادير، ووضوح في الخطوات، ونتائج مبهرة تجعلها قطعة فنية شهية.
مقدمة إلى عالم الروانى: ما هي ولماذا هي مميزة؟
الروانى، أو كما تُعرف أحياناً بـ “البسبوسة” في بعض المناطق، هي حلوى أساسها السميد، تُخلط مع السكر، والدهون، والسوائل، وتُخبز حتى تصل إلى لون ذهبي شهي. ما يميز الروانى الأصيلة هو قوامها الذي يجمع بين الطراوة والرطوبة، مع لمسة مقرمشة خفيفة في الأطراف، وذلك قبل أن تتشرب قطرات الشربات الساخن التي تمنحها حلاوة لا تُقاوم. إنها ليست مجرد حلوى، بل هي جزء من التراث، ورمز للكرم والضيافة، غالباً ما تُقدم في المناسبات السعيدة والاحتفالات.
لماذا طريقة الشيف حسن؟
يُعرف الشيف حسن بمهارته العالية وخبرته الواسعة في مجال فنون الطهي، وخاصة الحلويات الشرقية. طريقته في تحضير الروانى لا تقتصر على مجرد اتباع وصفة، بل هي فلسفة تعتمد على فهم دقيق للمكونات وكيفية تفاعلها. يحرص الشيف حسن على تقديم تفاصيل دقيقة، ونصائح عملية، وأسرار تضمن نجاح الروانى حتى للمبتدئين. الهدف هو الوصول إلى روانى مثالية، متماسكة، رطبة، وذات نكهة غنية، خالية من التكتلات أو الجفاف.
المكونات الأساسية لروانى الشيف حسن: الدقة هي مفتاح النجاح
في مطبخ الشيف حسن، لا مجال للارتجال عندما يتعلق الأمر بالمقادير. كل مكون يلعب دوراً حاسماً في الوصول إلى النتيجة المرجوة.
أولاً: السميد، عمود الروانى الفقري
نوع السميد: يؤكد الشيف حسن على أهمية استخدام السميد الخشن وليس الناعم. السميد الخشن هو الذي يعطي الروانى قوامها المميز، الذي يمتص السوائل ببطء ويحافظ على شكلها دون أن تنهار. السميد الناعم قد يؤدي إلى روانى متماسكة جداً أو شبيهة بالمعجون.
الكمية: عادة ما تكون الكمية حوالي 2 كوب من السميد الخشن.
ثانياً: الدهون، سر الطراوة والرطوبة
الزبدة أو السمن البلدي: يُفضل الشيف حسن استخدام الزبدة غير المملحة أو السمن البلدي للحصول على نكهة غنية وأصيلة. الدهون هي التي تغلّف حبيبات السميد، وتمنعها من امتصاص الكثير من السائل في مرحلة الخلط، مما يمنع تكون الغلوتين الزائد ويحافظ على هشاشة الروانى.
الكمية: حوالي نصف كوب من الزبدة أو السمن المذاب.
ثالثاً: السكر، المتوازن بين الحلاوة والتماسك
السكر الأبيض: يُستخدم السكر الأبيض لضبط حلاوة العجينة، وكذلك للمساعدة في تكوين القوام المتماسك.
الكمية: حوالي كوب من السكر الأبيض.
رابعاً: السوائل، الرابط الأساسي
الحليب أو الزبادي: يُفضل استخدام الحليب الدافئ أو الزبادي، حيث يساعدان على ترطيب السميد بشكل متساوٍ. بعض الوصفات قد تستخدم الماء، لكن الحليب أو الزبادي يمنحان الروانى طراوة إضافية ونكهة أعمق.
الكمية: حوالي نصف كوب إلى ثلاثة أرباع كوب من الحليب الدافئ أو الزبادي.
خامساً: المكونات الإضافية، لمسة النكهة والتميز
جوز الهند المبشور: يُضاف جوز الهند المبشور (حوالي ربع كوب) لإعطاء نكهة إضافية وقوام لطيف.
ملعقة صغيرة من البيكنج بودر: تساعد على إعطاء الروانى نفشة خفيفة دون أن تتغير بنيتها الأساسية.
رشة ملح: لتعزيز النكهات.
اختياري: يمكن إضافة القليل من ماء الورد أو ماء الزهر إلى الشربات لإعطاء رائحة مميزة.
خطوات تحضير روانى الشيف حسن: فن الإتقان
تتطلب روانى الشيف حسن دقة في الخطوات، مع التركيز على عدم الإفراط في الخلط.
الخطوة الأولى: تحضير خليط السميد الجاف
في وعاء كبير، يتم خلط السميد الخشن، السكر الأبيض، جوز الهند المبشور (إذا استُخدم)، البيكنج بودر، ورشة الملح. تُخلط المكونات الجافة جيداً لضمان توزيع متساوٍ.
الخطوة الثانية: إضافة الدهون
يُضاف السمن البلدي أو الزبدة المذابة إلى خليط السميد. هنا تأتي النصيحة الذهبية للشيف حسن: “بُسّي” الخليط جيداً. هذا يعني فرك السميد بالدهون بين راحتي يديك حتى تتغلف كل حبيبة سميد بالدهن. هذه الخطوة هي سرّ هشاشة الروانى ومنعها من أن تصبح قاسية. يجب أن يتحول الخليط إلى حبيبات رملية مبللة.
الخطوة الثالثة: إضافة السوائل
يُضاف الحليب الدافئ أو الزبادي تدريجياً إلى الخليط. هنا يجب الحذر الشديد: لا تُعجن الروانى، بل تُقلّب بخفة وبأقل قدر ممكن من الحركة باستخدام ملعقة أو سباتولا. الهدف هو تجميع المكونات فقط حتى تتجانس. الإفراط في الخلط بعد إضافة السوائل يؤدي إلى تنشيط الغلوتين في السميد، مما ينتج عنه روانى قاسية وغير متماسكة. يجب أن يكون الخليط طرياً ومتماسكاً قليلاً، وليس سائلاً جداً.
الخطوة الرابعة: تجهيز الصينية والخبز
دهن الصينية: تُدهن صينية الخبز (يفضل مقاس 28-30 سم) بالسمن أو الزبدة جيداً.
فرد العجينة: يُفرد خليط الروانى في الصينية المدهونة بالضغط الخفيف بالأصابع أو بظهر الملعقة. لا يجب أن تكون الطبقة سميكة جداً أو رقيقة جداً.
التزيين (اختياري): يمكن تقطيع سطح الروانى إلى مربعات أو معينات قبل الخبز، ووضع حبة لوز أو بندق في منتصف كل قطعة.
الخبز: تُخبز الروانى في فرن مسخن مسبقاً على درجة حرارة 180 درجة مئوية (350 فهرنهايت) لمدة تتراوح بين 25-35 دقيقة، أو حتى يصبح لون الأطراف ذهبياً وينضج السطح.
الخطوة الخامسة: تحضير الشربات (القطر)
الشربات جزء لا يتجزأ من نجاح الروانى.
المكونات: كوبان من السكر، كوب واحد من الماء، ملعقة كبيرة من عصير الليمون، وملعقة صغيرة من الزبدة أو السمن البلدي (اختياري)، وملعقة صغيرة من ماء الورد أو الزهر (اختياري).
الطريقة: يُخلط السكر والماء في قدر على نار متوسطة. يُترك ليغلي. بعد الغليان، يُضاف عصير الليمون ويُترك ليغلي لمدة 5-7 دقائق. يُرفع عن النار. تُضاف الزبدة وماء الورد/الزهر (إذا استُخدما) وتُقلّب حتى تذوب الزبدة.
القوام: يجب أن يكون الشربات خفيفاً وليس سميكاً جداً.
الخطوة السادسة: تسقية الروانى
هذه هي اللحظة الحاسمة. فور خروج الروانى من الفرن وهي ساخنة، يُسكب عليها الشربات الساخن فوراً وبشكل متساوٍ. يجب أن تسمع صوت “تششش” المميز عند سكب الشربات، وهذا دليل على أن الروانى ستتشرب جيداً. تُترك الروانى لتبرد تماماً في الصينية قبل تقطيعها وتقديمها، لتسمح لها بتشرب الشربات بشكل مثالي.
أسرار الشيف حسن لروانى لا تُنسى
بالإضافة إلى المقادير والخطوات الأساسية، يشارك الشيف حسن بعض النصائح التي تصنع الفارق:
1. أهمية “تبسيس” السميد
كما ذكرنا سابقاً، فإن فرك السميد بالدهون هو الخطوة الأكثر أهمية. هذه العملية تمنع تشكل الغلوتين الزائد عند إضافة السوائل، مما يحافظ على قوام الروانى هشاً ورطباً. لا تستعجل هذه الخطوة، فهي تستحق الوقت والجهد.
2. عدم الإفراط في خلط العجينة
بمجرد إضافة السوائل، يجب أن يكون الخلط بأدنى حد ممكن. تقليب بسيط لتجميع المكونات فقط. تذكر، الروانى لا تحتاج إلى “عجن” مثل الخبز.
3. درجة حرارة الفرن المناسبة
الفرن المسخن مسبقاً على درجة حرارة معتدلة (180 درجة مئوية) يضمن نضج الروانى بشكل متساوٍ من الداخل والخارج، ويمنع احتراق الأطراف قبل أن ينضج الوسط.
4. الشربات الساخن على الروانى الساخنة
هذه القاعدة الذهبية تضمن تشرب الروانى للشربات بشكل مثالي. إذا كانت الروانى باردة والشربات بارداً، فلن تمتص الروانى السائل جيداً وستبقى جافة.
5. ترك الروانى لتبرد تماماً
الصبر مفتاح الفرج. بعد تسقية الروانى، اتركها في الصينية لتبرد تماماً. سيسمح ذلك للشربات بالتغلغل في كل جزء من الروانى، مما يعطيها القوام الرطب والنكهة الغنية التي نبحث عنها. تقطيعها وهي ساخنة قد يؤدي إلى تفككها.
6. تنوع الإضافات
الشيف حسن يشجع على التجريب. يمكن إضافة المكسرات المفرومة (مثل الفستق أو عين الجمل) إلى العجينة نفسها، أو استخدامها للتزيين. إضافة قشر الليمون المبشور تعطي نكهة حمضية منعشة.
روانى الشيف حسن: تجربة لا تُقاوم
إن اتباع طريقة الشيف حسن في إعداد الروانى ليس مجرد وصفة، بل هو دعوة لاكتشاف سحر الحلويات الشرقية. من خلال فهم دقيق للمكونات، والالتزام بالخطوات، والأخذ بالنصائح الذهبية، يمكنك تحويل مطبخك إلى ورشة عمل فنية تنتج روانى فاخرة، لا تقل جودة عن تلك التي تُقدم في أرقى المحلات. إنها تجربة تستحق التجربة، ونتيجة تُسعد العائلة والأصدقاء، وتعكس شغفاً حقيقياً بفن الطهي.
