فن الرواني مع الشيف فاطمة أبو حاتي: رحلة إلى قلب المطبخ الشرقي

تُعد كيكة الرواني، أو كما يُعرفها الكثيرون بـ “كيكة السميد”، واحدة من أشهى الحلويات الشرقية التي تحمل في طياتها عبق الماضي ودفء الأمهات. وبين مطابخ الطهاة المتعددين، تبرز وصفة الشيف فاطمة أبو حاتي كمرجع أساسي للكثيرين ممن يبحثون عن الطعم الأصيل والقوام المثالي لهذه الكيكة الساحرة. إنها ليست مجرد وصفة، بل هي تجربة متكاملة تبدأ من اختيار المكونات وصولاً إلى لحظة تذوقها، تتسم بالبساطة والعمق في آن واحد، وتعد بتقديم طبق يرضي جميع الأذواق ويُبهج القلوب.

لماذا كيكة الرواني؟ سحر السميد ونكهة الشرقي الأصيل

تتميز كيكة الرواني بفرادتها التي تنبع من استخدام دقيق السميد كمكون أساسي، مما يمنحها قوامًا فريدًا يجمع بين الليونة والهشاشة، مع لمسة من “القرمشة” الخفيفة التي تميزها عن الكيك التقليدي المصنوع من الدقيق الأبيض. هذا المزيج الفريد هو ما يجعلها محبوبة لدى الكبار والصغار، وتُعد خيارًا مثاليًا في المناسبات العائلية، أو كطبق حلو بعد وجبة رئيسية، أو حتى كرفيق مثالي لكوب من الشاي أو القهوة في أي وقت من اليوم.

تاريخيًا، تعود جذور كيكة الرواني إلى المطبخ الشرقي، حيث كانت وما زالت تُحضر في العديد من البلدان العربية، وتتوارث الأجيال أسرار تحضيرها. وقد استطاعت الشيف فاطمة أبو حاتي، ببراعتها وخبرتها، أن تُبسط هذه الوصفة العريقة وتقدمها بطريقة تضمن النجاح حتى للمبتدئين في فن الطهي، مع الحفاظ على جوهرها ونكهتها الأصيلة.

أسرار نجاح كيكة الرواني مع الشيف فاطمة أبو حاتي: من المكونات إلى التحضير

تكمن براعة وصفة الشيف فاطمة أبو حاتي في دقتها المتناهية في اختيار النسب بين المكونات، وفي خطوات التحضير التي تضمن الحصول على أفضل النتائج. إنها لا تعتمد على مجرد خلط المكونات، بل على فهم عميق لطبيعة كل مكون وكيفية تفاعله مع الآخر.

أولاً: المكونات الأساسية: أساس الكيكة الذهبية

لتحضير كيكة الرواني بنجاح، يجب الانتباه إلى جودة المكونات المستخدمة. الشيف فاطمة تؤكد دائمًا على أهمية استخدام مكونات طازجة وذات جودة عالية لضمان أفضل طعم ونكهة.

السميد: هو النجم الأوحد في هذه الكيكة. يُفضل استخدام السميد الخشن أو المتوسط، حسب التفضيل الشخصي، ولكن السميد المتوسط غالبًا ما يعطي القوام المثالي. يجب أن يكون السميد طازجًا وخاليًا من أي روائح غير مرغوبة.
الدقيق الأبيض: يُضاف بكمية قليلة لتعديل قوام الكيكة وإضافة بعض الليونة، ولكن يجب ألا يطغى على نكهة السميد.
السكر: يلعب دورًا مزدوجًا في منح الحلاوة وإضفاء اللون الذهبي الجذاب على الكيكة عند الخبز، وكذلك المساهمة في قوامها.
البيض: ضروري لربط المكونات وإعطاء الكيكة الهيكل والقوام اللازمين. يجب أن يكون البيض في درجة حرارة الغرفة.
الزيت أو الزبدة: تُستخدم لإضفاء الرطوبة والليونة على الكيكة. الزيت النباتي الخفيف هو الخيار الشائع، بينما الزبدة تمنح نكهة أغنى.
اللبن أو الزبادي: يُضفي رطوبة إضافية ويساعد في تليين قوام السميد. الزبادي بدرجة حرارة الغرفة هو الأفضل.
بيكنج بودر: هو العامل الرئيسي للرفع، ويجب التأكد من صلاحيته لضمان انتفاخ الكيكة بشكل جيد.
الفانيليا: لإضافة رائحة عطرية زكية وإزالة أي رائحة قد تنبعث من البيض.
السمسم: غالبًا ما يُضاف على الوجه لإضفاء نكهة وقرمشة إضافية، بالإضافة إلى مظهره الجذاب.

ثانياً: طريقة التحضير خطوة بخطوة: فن التوازن والخلط

تعتمد وصفة الشيف فاطمة أبو حاتي على خطوات واضحة ومباشرة، مع التركيز على تجنب الإفراط في الخلط، وهو سر من أسرار نجاح الكيك بشكل عام، وكيكة الرواني بشكل خاص.

1. تحضير المواد الجافة: في وعاء كبير، يتم خلط السميد، الدقيق الأبيض، البيكنج بودر، ورشة ملح. يُمكن إضافة القليل من جوز الهند المبشور في هذه المرحلة لمن يرغب في تعزيز النكهة.
2. تحضير المواد السائلة: في وعاء آخر، تُخفق البيضات مع السكر حتى يمتزج الخليط ويصبح لونه فاتحًا. تُضاف الفانيليا، ثم الزيت (أو الزبدة المذابة)، واللبن (أو الزبادي)، وتُخفق المكونات جيدًا حتى تتجانس.
3. دمج المكونات: تُضاف المكونات السائلة تدريجيًا إلى خليط المواد الجافة، مع التقليب بلطف باستخدام ملعقة خشبية أو سباتولا. يجب التوقف عن الخلط بمجرد اختفاء آثار الدقيق والسميد، لتجنب تطوير الجلوتين الذي قد يجعل الكيكة قاسية.
4. الراحة (اختياري ولكن موصى به): قد تُفضل بعض الوصفات ترك الخليط ليرتاح لمدة 10-15 دقيقة، مما يسمح للسميد بامتصاص السوائل وتكوين قوام أكثر تماسكًا.
5. الخبز: تُصب عجينة الرواني في صينية مدهونة بالزبدة أو الزيت ومرشوشة بالدقيق أو السميد. تُوزع بذور السمسم على الوجه. تُخبز في فرن مسخن مسبقًا على درجة حرارة متوسطة (حوالي 180 درجة مئوية) حتى يصبح لونها ذهبيًا وينضج قلبها. يُمكن اختبار النضج بغرس عود أسنان في الوسط، فإذا خرج نظيفًا، تكون الكيكة جاهزة.

ثالثاً: تحضير الشربات (قطر): سر الحلاوة واللمعان

لا تكتمل كيكة الرواني بدون الشربات أو القطر الغني الذي يمنحها الحلاوة المميزة واللمعان الجذاب. الشيف فاطمة تقدم طريقة مبسطة لتحضير شربات مثالي.

1. المكونات: يُحضر الشربات من السكر والماء، وعصير الليمون (لمنع التبلور)، وبعض المنكهات مثل ماء الورد أو ماء الزهر أو القرفة حسب الرغبة.
2. التحضير: يُغلى السكر والماء معًا على نار متوسطة. عند بداية الغليان، يُضاف عصير الليمون، ويُترك ليغلي لمدة 5-7 دقائق حتى يثخن قليلاً. يُرفع عن النار ويُضاف إليه المنكهات.
3. التطبيق: يُصب الشربات الساخن على كيكة الرواني الساخنة فور خروجها من الفرن، أو العكس، تُصب الكيكة الساخنة على شربات بارد. هذا التباين في درجات الحرارة يساعد على امتصاص الشربات بشكل أفضل.

لمسات إضافية ونصائح لرواني احترافية

الشيف فاطمة أبو حاتي لا تكتفي بتقديم الوصفة الأساسية، بل تقدم دائمًا لمسات ونصائح إضافية ترفع من مستوى طبق الرواني وتجعله فريدًا.

درجة حرارة المكونات: التأكيد على أن جميع المكونات، وخاصة البيض واللبن/الزبادي، يجب أن تكون في درجة حرارة الغرفة. هذا يساعد على امتزاجها بشكل أفضل ويمنح الكيكة قوامًا متجانسًا.
عدم الإفراط في الخلط: هذا هو المفتاح السحري لكيكة هشة ولذيذة. الخلط الزائد بعد إضافة الدقيق والسميد يؤدي إلى تكون الجلوتين، مما ينتج عنه كيكة قاسية وغير مستساغة.
تسخين الفرن مسبقًا: خطوة أساسية لضمان توزيع الحرارة بشكل متساوٍ داخل الفرن، مما يساعد على نضج الكيكة بشكل متساوٍ ومنع احتراقها من الخارج قبل أن تنضج من الداخل.
اختيار الصينية المناسبة: الصواني ذات الجوانب المرتفعة تساعد على احتواء الكيكة أثناء ارتفاعها. يُفضل استخدام صواني غير لاصقة أو دهنها جيدًا ورشها بالدقيق أو السميد.
تزيين الرواني: بخلاف السمسم، يُمكن تزيين الرواني بجوز الهند المبشور، أو بشر قشر الليمون أو البرتقال، أو حتى ببعض المكسرات المجروشة بعد أن تتشرب الشربات.
التخزين: تُحفظ كيكة الرواني في علبة محكمة الإغلاق في درجة حرارة الغرفة، وتبقى طازجة ولذيذة لعدة أيام.

التنويعات الممكنة: كيكة الرواني في صور مختلفة

على الرغم من أن وصفة الشيف فاطمة أبو حاتي تقدم الرواني الكلاسيكية بطعمها الأصيل، إلا أن عالم الطهي مليء بالإمكانيات، ويمكن تعديل الوصفة لتناسب الأذواق المختلفة.

الرواني بجوز الهند: يمكن إضافة كمية من جوز الهند المبشور إلى خليط المكونات الجافة للحصول على نكهة جوز الهند الغنية.
الرواني بالبرتقال: استبدال جزء من اللبن بعصير البرتقال الطازج، وإضافة بشر برتقالة، يمنح الكيكة نكهة حمضية منعشة.
الرواني بالشوكولاتة: إضافة مسحوق الكاكاو غير المحلى إلى المكونات الجافة، مع تقليل كمية الدقيق قليلاً، يمكن أن يحول الرواني إلى حلوى بالشوكولاتة.
الرواني مع المكسرات: إضافة بعض المكسرات المفرومة مثل اللوز أو عين الجمل إلى الخليط أو رشها على الوجه قبل الخبز.

لماذا تظل وصفة فاطمة أبو حاتي هي المفضلة؟

إن سر شعبية وصفة الشيف فاطمة أبو حاتي يكمن في قدرتها على تحويل وصفة تقليدية إلى تجربة طهي ممتعة ومضمونة النتائج. إنها تقدم الكيكة ليس فقط كطعام، بل كذكرى دافئة، كلقاء عائلي، وكقطعة من التراث تُقدم بحب. بساطة خطواتها، ووضوح تعليماتها، وتركيزها على التفاصيل الدقيقة، يجعل منها دليلاً موثوقًا لكل من يرغب في إتقان فن كيكة الرواني، والاستمتاع بطعمها الشرقي الأصيل الذي لا يُقاوم. إنها دعوة مفتوحة لكل محبي الحلويات الشرقية لاستكشاف عالم الرواني الساحر، واكتشاف أن وصفة بسيطة بمكونات قليلة يمكن أن تحمل في طياتها كل هذا القدر من السعادة والنكهة.