شرب الماء على الريق: فوائد، أضرار، والحقيقة العلمية

لطالما سمعنا عن نصائح كثيرة تتعلق بصحتنا، ومن بين هذه النصائح الشائعة جدًا هي شرب كوب من الماء عند الاستيقاظ على الريق. يروج الكثيرون لهذه العادة باعتبارها مفتاحًا لبداية يوم صحي ومنعش، بل ووصفها بأنها علاج سحري للعديد من المشاكل الصحية. ولكن، هل هذه الفوائد المزعومة حقيقية؟ وهل هناك أي أضرار محتملة قد تنجم عن شرب الماء على معدة فارغة؟ دعونا نتعمق في هذا الموضوع لنفصل بين الحقيقة والخرافة.

الفوائد المزعومة لشرب الماء على الريق

تتعدد الفوائد التي تُنسب إلى شرب الماء على الريق، ومن أبرزها:

1. تنشيط عملية الأيض

يعتقد البعض أن شرب الماء البارد على الريق يمكن أن يعزز عملية الأيض (التمثيل الغذائي)، مما يساعد الجسم على حرق المزيد من السعرات الحرارية. الفكرة وراء ذلك هي أن الجسم يحتاج إلى طاقة لتسخين الماء إلى درجة حرارة الجسم، وهذه العملية تستهلك بعض السعرات الحرارية.

2. المساعدة على الهضم وتنظيف الجسم

من الشائع القول بأن الماء على الريق يساعد على تنظيف الجهاز الهضمي، وإزالة السموم المتراكمة خلال الليل، وتحضير المعدة لاستقبال الطعام. كما يُقال إنه يساعد على تليين الأمعاء وتقليل احتمالية الإصابة بالإمساك.

3. تحسين صحة البشرة

الترطيب الكافي للجسم ضروري للحفاظ على صحة وحيوية البشرة. ويرى البعض أن شرب الماء فور الاستيقاظ يساهم في منح البشرة نضارة وإشراقًا، وتقليل ظهور التجاعيد.

4. تعزيز وظائف الكلى

يُقال إن الماء يساعد الكلى على التخلص من الفضلات والسموم بكفاءة أكبر، وأن شربه على الريق يساهم في تحفيز هذه العملية.

5. زيادة الشعور باليقظة والطاقة

قد يشعر البعض بانتعاش وزيادة في الطاقة بعد شرب الماء صباحًا، مما قد يعزى إلى ترطيب الجسم بعد فترة نوم طويلة.

هل شرب الماء على الريق له أضرار؟

على الرغم من هذه الفوائد المزعومة، فإن السؤال الأهم هو: هل هناك أي أضرار حقيقية لشرب الماء على الريق؟

1. اضطرابات الجهاز الهضمي (نادر جدًا)

في حالات نادرة جدًا، قد يجد بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل معينة في الجهاز الهضمي، مثل ارتجاع المريء الحاد أو قرحة المعدة النشطة، أن شرب كميات كبيرة من الماء البارد على الريق يزيد من انزعاجهم أو يسبب لهم بعض الآلام. لكن هذه الحالات استثنائية ولا تنطبق على الغالبية العظمى من الناس.

2. التأثير على درجة حرارة الجسم (تأثير ضئيل)

شرب الماء البارد جدًا على الريق قد يسبب انخفاضًا طفيفًا ومؤقتًا في درجة حرارة الجسم. ومع ذلك، فإن هذا التأثير ضئيل جدًا ولا يشكل خطرًا على الصحة لدى الأفراد الأصحاء. الأهم هو شرب الماء بدرجة حرارة معتدلة ومريحة.

3. الإفراط في شرب الماء (مخاطر صحية حقيقية)

الخطر الحقيقي لا يكمن في شرب الماء على الريق بحد ذاته، بل في الإفراط في شرب أي كمية من الماء، سواء على الريق أو في أي وقت آخر. شرب كميات مفرطة من الماء خلال فترة زمنية قصيرة يمكن أن يؤدي إلى حالة خطيرة تسمى “تسمم الماء” أو “نقص صوديوم الدم”، حيث يختل توازن الأملاح في الجسم.

الحقيقة العلمية: الماء للترطيب، وليس علاجًا سحريًا

من الناحية العلمية، يعتبر شرب الماء على الريق عادة صحية ومفيدة بشكل عام، ولكن ليس بالضرورة أن تكون “علاجًا سحريًا” لكل المشاكل. الجسم يحتاج إلى الماء باستمرار للبقاء رطبًا، وشرب الماء فور الاستيقاظ هو ببساطة طريقة جيدة لبدء تعويض السوائل التي فقدها الجسم أثناء النوم.

الأيض: تأثير الماء على الأيض ضئيل جدًا ولا يمكن الاعتماد عليه كوسيلة فعالة لإنقاص الوزن. النظام الغذائي المتوازن والنشاط البدني هما الأساس.
الهضم وتنظيف الجسم: يساعد الماء بالفعل على حركة الأمعاء ويسهل عملية الهضم، ولكن هذه الفائدة مستمرة طوال اليوم، وليست مقتصرة على الريق. الجسم لديه آليات طبيعية قوية للتخلص من السموم، والماء يدعم هذه الآليات.
صحة البشرة: الترطيب العام للجسم هو المفتاح لصحة البشرة، وشرب الماء على الريق يساهم في هذا الترطيب، ولكنه ليس العامل الوحيد.
وظائف الكلى: وظائف الكلى تعتمد على كمية السوائل التي يتناولها الشخص بشكل عام، وشرب الماء على الريق يدعم هذه الوظائف.

التوصيات العملية

بدلاً من التركيز على “الريق” تحديدًا، من الأفضل التركيز على:

الاستماع إلى جسدك: اشرب الماء عندما تشعر بالعطش.
الحفاظ على الترطيب على مدار اليوم: لا تقتصر على شرب الماء في الصباح فقط.
درجة حرارة الماء: شرب الماء بدرجة حرارة الغرفة أو الماء الفاتر هو الأكثر راحة لمعظم الناس.
الاعتدال: تجنب الإفراط في شرب الماء، واعرف الكمية المناسبة لك بناءً على نشاطك البدني وظروفك الصحية.

في الختام، شرب الماء على الريق عادة صحية ومستحبة، وهي مفيدة لترطيب الجسم بعد فترة النوم. لا توجد أضرار مؤكدة لشرب الماء على الريق لمعظم الأشخاص الأصحاء، ولكن يجب دائمًا الاعتدال وتجنب الإفراط. الأهم هو جعل الترطيب جزءًا أساسيًا من روتينك اليومي للحفاظ على صحة عامة جيدة.