طريقة كعب الغزال الأصيلة بخطوات فاطمة أبو حاتي: سر الهشاشة واللذة

تُعدّ حلوى كعب الغزال من أشهى الحلويات الشرقية التقليدية، والتي تحتل مكانة خاصة في قلوب الكثيرين، خاصةً في المناسبات والأعياد. وربما كانت الشيف فاطمة أبو حاتي، بأسلوبها المميز وشرحها الواضح، هي من ساهمت بشكل كبير في انتشار وصفة هذه الحلوى الأصيلة وجعلها في متناول الجميع. إنّ تحضير كعب الغزال ليس بالأمر المعقد كما قد يبدو للوهلة الأولى، ولكنه يتطلب دقة في المقادير وصبراً في الخطوات للوصول إلى النتيجة المثالية: قوام هش يذوب في الفم، وحشوة غنية بالتوابل والسكر. في هذا المقال، سنغوص في أعماق طريقة كعب الغزال كما تقدمها الشيف فاطمة أبو حاتي، مع توسيع وتفصيل كل خطوة، وإضافة نصائح وحيل تضمن لك الحصول على كعب غزال احترافي في مطبخك.

أهمية اختيار المكونات الجيدة: أساس نجاح كعب الغزال

قبل الخوض في تفاصيل العجينة والحشوة، من الضروري التأكيد على أن جودة المكونات هي حجر الزاوية في نجاح أي وصفة، وكعب الغزال ليس استثناءً.

الدقيق: العمود الفقري للعجينة

يُفضل استخدام دقيق لجميع الأغراض ذي جودة عالية. يجب أن يكون الدقيق طازجًا وغير قديم، فالدقيق القديم قد يؤثر على قوام العجينة ويجعلها غير متماسكة. يجب نخله جيدًا قبل الاستخدام لإزالة أي تكتلات ولإدخال الهواء إليه، مما يساهم في هشاشة العجينة النهائية.

الدهون: سر الهشاشة والطراوة

تُعتبر نسبة الدهون إلى الدقيق من أهم العوامل التي تحدد مدى هشاشة كعب الغزال. تقليديًا، يُستخدم السمن البلدي أو الزبدة، وفي بعض الوصفات يُمكن خلطهما مع الزيت النباتي. السمن البلدي يمنح الحلوى نكهة أصيلة ورائحة مميزة، بينما الزبدة تساهم في الهشاشة. يجب أن تكون الدهون في درجة حرارة الغرفة (طرية وليست ذائبة) عند إضافتها إلى الدقيق، وذلك لتوزيعها بشكل متساوٍ على جزيئات الدقيق، وهي خطوة أساسية في عملية “البس” أو “الفرك” التي سنفصلها لاحقًا.

السكر: عامل التحلية والتطرية

يُستخدم السكر البودرة عادةً في عجينة كعب الغزال، فهو يذوب بسهولة ويمنح العجينة نعومة. يجب التأكد من أن السكر البودرة ناعم جدًا وخالٍ من أي حبيبات.

المواد الرافعة: دور بسيط لكنه مهم

تُستخدم كمية قليلة من البيكنج بودر أحيانًا لإضفاء بعض الرفع على العجينة، ولكن يجب الحذر من الإفراط فيه حتى لا تتشقق حبات كعب الغزال أثناء الخبز.

تحضير عجينة كعب الغزال: فن “البس” واللمسة السحرية

تُعدّ مرحلة تحضير العجينة هي المرحلة الأكثر حساسية ودقة في طريقة كعب الغزال. إنها ليست مجرد خلط للمكونات، بل هي عملية “بس” تتطلب صبرًا ومهارة.

الخطوة الأولى: بس الدقيق مع الدهون

في وعاء كبير، يُخلط الدقيق المنخول مع السكر البودرة ورشة الملح. ثم تُضاف الدهون الطرية (السمن أو الزبدة) وتُبدأ عملية الفرك أو “البس” بالأصابع. هذه العملية تعني فرك الدقيق مع الدهون بين راحتي اليدين بحركات دائرية ولطيفة، حتى تتغلف كل جزيئات الدقيق بالدهون. الهدف هو الحصول على خليط يشبه فتات الخبز أو الرمل المبلل. هذه الخطوة هي المسؤولة عن جعل كعب الغزال هشًا ويتفتت بسهولة عند تناوله. لا يُنصح بالعجن القوي في هذه المرحلة، فالعجن يطور شبكة الجلوتين في الدقيق ويجعل العجينة قاسية.

الخطوة الثانية: إضافة السوائل بحذر

بعد الانتهاء من عملية “البس”، تبدأ مرحلة إضافة السوائل. عادةً ما يكون المكون السائل هو الحليب أو الماء، وأحيانًا خليط منهما، ويكون باردًا. تُضاف السوائل تدريجيًا، ملعقة بعد ملعقة، مع الاستمرار في التقليب واللم برفق دون عجن. الهدف هو تجميع العجينة فقط لتشكيل كرة متماسكة، وليس لتطوير أي شبكة جلوتين. إذا زادت كمية السائل، ستصبح العجينة طرية جدًا ولزجة، مما يصعب تشكيلها. إذا كانت العجينة جافة جدًا، يمكن إضافة القليل جدًا من السائل.

الخطوة الثالثة: راحة العجينة (سر آخر للهشاشة)

بعد تجميع العجينة، من الضروري تركها لترتاح في الثلاجة لمدة لا تقل عن ساعة، ويفضل ساعتين. هذه الراحة تسمح للدهون بالتماسك مرة أخرى، وللدقيق بامتصاص السوائل بشكل كامل، مما يجعل العجينة أسهل في التشكيل وأكثر هشاشة بعد الخبز.

تحضير حشوة كعب الغزال: نكهة شرقية أصيلة

تُعدّ حشوة كعب الغزال جزءًا لا يتجزأ من سحر هذه الحلوى. إنها توازن بين حلاوة التمر ونكهة التوابل الدافئة.

المكونات الأساسية للحشوة

التمر: يُفضل استخدام عجينة التمر الطازجة ذات النوعية الجيدة. يجب التأكد من خلوها من النوى. إذا كانت عجينة التمر قاسية قليلاً، يمكن إضافة القليل من السمن أو الزبدة لتليينها.
التوابل: هذه هي اللمسة السحرية التي تميز كعب الغزال. يُستخدم عادةً مزيج من القرفة المطحونة، والكمون المطحون، وقليل من الهيل المطحون. بعض الوصفات تضيف القليل من جوزة الطيب أو القرنفل. الكمون هو المكون الذي يمنح كعب الغزال نكهته المميزة والفريدة، ويجب استخدامه بكمية معتدلة حتى لا يطغى على النكهات الأخرى.
السكر: يمكن إضافة القليل من السكر البودرة أو سكر النخيل إلى الحشوة لزيادة حلاوتها، خاصة إذا كان التمر قليل الحلاوة.
الدهن: القليل من السمن أو الزبدة المذابة يساعد على تماسك الحشوة وإضفاء طراوة عليها.

طريقة تحضير الحشوة

تُخلط عجينة التمر جيدًا مع التوابل والسكر والدهن حتى تتجانس المكونات. تُشكل الحشوة على هيئة أصابع أو أقراص صغيرة بحجم مناسب لتوضع داخل العجينة.

تشكيل كعب الغزال: دقة وجمال في كل قطعة

بعد أن ارتاحت العجينة وتُحضرت الحشوة، تأتي مرحلة التشكيل التي تتطلب بعض الدقة واللمسة الفنية.

الخطوة الأولى: فرد العجينة

تُقسم العجينة إلى كرات متساوية الحجم. تُفرد كل كرة بلطف باستخدام النشابة (شوبك) على سطح مرشوش بقليل من الدقيق، لتشكيل قرص دائري رقيق. لا يجب أن تكون العجينة سميكة جدًا حتى لا تبدو ثقيلة عند الأكل، ولا رفيعة جدًا حتى لا تنقطع أثناء الحشو.

الخطوة الثانية: وضع الحشوة ولفها

تُوضع قطعة من الحشوة في منتصف قرص العجينة. تُغلق العجينة حول الحشوة بعناية، مع التأكد من إغلاق الأطراف جيدًا لمنع تسرب الحشوة أثناء الخبز. يمكن استخدام أطراف الأصابع للضغط على الحواف ولإعطاء شكل مدبب لطرفي العجينة، ليشبه الكعب.

الخطوة الثالثة: النقش (اختياري لكنه يضيف جمالًا)

لإضافة لمسة جمالية، يمكن نقش حبات كعب الغزال باستخدام منقاش خاص بالمعمول أو بأدوات منزلية بسيطة مثل شوكة أو ظهر سكين. النقش لا يضيف جمالاً بصرياً فحسب، بل يساعد أيضاً على توزيع الحرارة بشكل متساوٍ أثناء الخبز.

خبز كعب الغزال: السر في درجة الحرارة والوقت

مرحلة الخبز هي التي تمنح كعب الغزال لونه الذهبي وقوامه الهش.

درجة الحرارة المثالية

تُخبز حبات كعب الغزال في فرن مسخن مسبقًا على درجة حرارة معتدلة، حوالي 160-170 درجة مئوية. الحرارة المرتفعة قد تؤدي إلى احتراق الحلوى من الخارج قبل أن تنضج من الداخل، بينما الحرارة المنخفضة جدًا قد تجعلها جافة أو غير مكتملة النضج.

وقت الخبز

يختلف وقت الخبز حسب حجم الحبات وقوة الفرن، ولكنه عادةً ما يتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة. يجب مراقبة الحبات عن كثب، وعندما تبدأ أطرافها في اكتساب لون ذهبي فاتح، تكون جاهزة. لا ينصح بتحميرها بشكل مبالغ فيه، فكعب الغزال الأصيل يتميز بلونه الذهبي الفاتح.

التبريد والتقديم

بعد إخراج كعب الغزال من الفرن، يُترك ليبرد تمامًا على رف شبكي قبل تقديمه. يُمكن تزيينه بالسكر البودرة المرشوش قبل التقديم مباشرة، أو تقديمه سادة للاستمتاع بنكهته الأصيلة.

نصائح وحيل لضمان نجاح كعب الغزال بخطوات فاطمة أبو حاتي

جودة التمر: استخدم أجود أنواع التمر المتاحة لديك، فهذا سيحدث فرقًا كبيرًا في طعم الحشوة.
لا تعجن العجينة: تذكر دائمًا أن عجينة كعب الغزال لا تُعجن، بل تُلم وتُجمع برفق. العجن الزائد هو السبب الرئيسي لصلابة الحلوى.
برودة السوائل: استخدم دائمًا حليب أو ماء باردًا جدًا عند إضافة السوائل للعجينة.
حجم الحشوة: لا تبالغ في كمية الحشوة، حتى لا تخرج من العجينة أثناء الخبز.
التجربة في الفرن: إذا كنت تجرب الوصفة لأول مرة، قم بخبز حبة أو اثنتين كاختبار لمعرفة الوقت ودرجة الحرارة المثالية لفرنك.
التخزين: يُحفظ كعب الغزال في علب محكمة الإغلاق في درجة حرارة الغرفة، ويمكن أن يبقى طازجًا لعدة أيام.

خاتمة: كعب الغزال، قطعة من التراث بنكهة عصرية

إنّ طريقة كعب الغزال التي تقدمها الشيف فاطمة أبو حاتي هي دليل على أن الوصفات التقليدية يمكن أن تُقدم بأسلوب حديث ومبسط، مع الحفاظ على جوهرها الأصيل. باتباع هذه الخطوات التفصيلية، مع الاهتمام بجودة المكونات ودقة التنفيذ، ستتمكن من تحضير كعب غزال هش، لذيذ، ومليء بالنكهة، يعيد إليك ذكريات الطفولة ويفرح به كل من يتذوقه. هذه الحلوى ليست مجرد طعام، بل هي قطعة من التراث، تحمل بين طياتها دفء العائلة وبهجة المناسبات.