بلح الشام بالسميد: لمسة مبتكرة على حلوى شرقية أصيلة

يُعد بلح الشام من الحلويات الشرقية التي لا تخلو منها مائدة في شهر رمضان المبارك، أو في أي تجمع عائلي بهيج. مذاقه الحلو، وقوامه المقرمش من الخارج والهش من الداخل، وغمره في الشربات السكري اللامع، كلها عوامل تجعله محبوبًا لدى الكبار والصغار على حد سواء. وبينما يشتهر بلح الشام التقليدي المصنوع من الدقيق، فإن ابتكار وصفات جديدة تُضفي عليه نكهة مميزة وقوامًا فريدًا هو دائمًا موضع ترحيب. هنا، نغوص في عالم بلح الشام بالسميد، الذي يستلهم من سر قوام البسبوسة اللذيذ ليمنح هذه الحلوى الكلاسيكية بُعدًا جديدًا ومثيرًا.

فكرة دمج السميد في بلح الشام: لماذا وكيف؟

لطالما اشتهرت البسبوسة بقوامها الرملي المميز، وقدرتها على امتصاص الشربات ببراعة لتصبح طرية ولذيذة. إن فكرة دمج السميد في خليط بلح الشام تنبع من الرغبة في استلهام هذه الصفات الفريدة. السميد، وهو دقيق القمح الخشن، يمنح العجين بنية مختلفة عن الدقيق الأبيض الناعم. فهو يسمح بامتصاص أفضل للسوائل، ويمنح عند القلي قرمشة مميزة تتناغم بشكل رائع مع ليونة الجزء الداخلي بعد تشبعه بالشربات.

الهدف من هذه الوصفة هو خلق توازن مثالي بين قرمشة بلح الشام التقليدية وطراوة البسبوسة، مع الاحتفاظ بالنكهة الشرقية الأصيلة التي نعرفها ونحبها. هذا الدمج ليس مجرد تغيير في المكونات، بل هو إعادة تصور لكيفية بناء قوام حلوى محبوبة، ليقدم تجربة حسية جديدة وممتعة.

المكونات الأساسية: سر النجاح في كل خطوة

لتحضير بلح الشام بالسميد، سنحتاج إلى مجموعة من المكونات التي تضمن لنا الحصول على أفضل النتائج. المفتاح هو اختيار مكونات عالية الجودة والالتزام بالنسب الصحيحة، فهذا هو الضمان الأكبر لنجاح الوصفة.

مكونات عجينة بلح الشام بالسميد:

السميد: هنا يكمن الاختلاف الرئيسي. سنستخدم سميدًا ناعمًا، وهو النوع الأنسب لخلطات العجين التي تتطلب قوامًا متجانسًا. السميد الخشن قد يمنح قوامًا غير مرغوب فيه.
الدقيق الأبيض: لا نستغني عن الدقيق الأبيض تمامًا، فهو يوفر الربط اللازم للعجين ويمنحها المرونة اللازمة لتشكيلها. سنستخدم نسبة مدروسة من الدقيق الأبيض مع السميد.
الماء: هو أساس العجين، ويجب أن يكون بدرجة حرارة معينة لضمان تفاعل المكونات بشكل صحيح.
الزبدة أو السمن: تضفي نكهة غنية وقوامًا هشًا على العجين. يمكن استخدام الزبدة غير المملحة أو السمن البلدي للحصول على نكهة أعمق.
البيض: يلعب البيض دورًا هامًا في تماسك العجين ومنحها القوام الهش بعد القلي.
سكر: كمية قليلة من السكر في العجين تساهم في إعطاء لون ذهبي جميل عند القلي.
ملح: تعزيز للنكهات، وضروري لتوازن الطعم.
فانيليا: لإضفاء رائحة عطرية مميزة.

مكونات الشربات (القطر):

سكر: هو المكون الأساسي للشربات.
ماء: لتذويب السكر وتكوين القوام المطلوب.
عصير ليمون: ضروري لمنع السكر من التبلور وإعطاء الشربات قوامًا لامعًا.
ماء ورد أو ماء زهر: لإضفاء نكهة شرقية تقليدية محببة.

خطوات تحضير العجينة: الدقة هي المفتاح

تحضير عجينة بلح الشام بالسميد يتطلب بعض الدقة والاهتمام بالتفاصيل، خاصة فيما يتعلق بدرجة الحرارة والخلط.

الخطوة الأولى: تحضير خليط الماء والزبدة والسكر

في قدر على نار متوسطة، نضع الماء، الزبدة (أو السمن)، والسكر، وقليل من الملح. نترك الخليط حتى يبدأ بالغليان وتذوب الزبدة والسكر تمامًا. هذه الخطوة أساسية لتنشيط السميد والدقيق لاحقًا.

الخطوة الثانية: إضافة السميد والدقيق

بمجرد غليان الخليط، نرفع القدر عن النار ونضيف خليط السميد والدقيق دفعة واحدة. نبدأ بالتحريك بقوة باستخدام ملعقة خشبية حتى تتكون لدينا عجينة متماسكة تنفصل عن جوانب القدر. هذه الخطوة تُعرف بتسوية العجين، وهي تضمن طهي السميد والدقيق بشكل جزئي، مما يسهل امتصاص السوائل لاحقًا ويمنح العجين القوام المناسب.

الخطوة الثالثة: تبريد العجين وإضافة البيض

نترك العجينة لتبرد قليلًا، فهذا مهم جدًا قبل إضافة البيض. العجينة الساخنة جدًا ستطهو البيض وتفسد القوام. عندما تصبح العجينة دافئة، نبدأ بإضافة البيض واحدة تلو الأخرى، مع الخلط الجيد بعد كل إضافة. نتأكد من أن كل بيضة امتزجت تمامًا في العجين قبل إضافة التالية. في هذه المرحلة، نضيف الفانيليا. قد تحتاج العجينة إلى بيضتين أو ثلاث حسب حجمها وامتصاصها للسوائل. الهدف هو الحصول على عجينة طرية، متماسكة، وقابلة للتشكيل دون أن تكون لزجة جدًا أو جافة.

الخطوة الرابعة: تشكيل بلح الشام

بعد أن أصبحت العجينة جاهزة، نبدأ بتشكيلها. يمكن استخدام قمع الحلواني مع رأس نجمي الشكل للحصول على الشكل التقليدي لبلح الشام. نضغط على القمع لنحصل على قطع بال طول المرغوب فيه، ثم نقطعها بالمقص. بدلاً من ذلك، يمكن تشكيلها باليدين بعد دهنهما بقليل من الزيت. من المهم أن تكون القطع متساوية في الحجم لضمان نضجها بشكل متساوٍ.

خطوات تحضير الشربات: أساس اللمعان والحلاوة

الشربات هو العنصر السحري الذي يحول قطع العجين المقلية إلى حلوى شرقية شهية.

الخطوة الأولى: غلي السكر والماء

في قدر، نضع كمية السكر والماء. نرفع القدر على نار متوسطة ونحرك حتى يذوب السكر تمامًا.

الخطوة الثانية: إضافة عصير الليمون والمنكهات

بمجرد أن يبدأ الخليط بالغليان، نضيف عصير الليمون. نترك الشربات يغلي لمدة 5-7 دقائق تقريبًا حتى يتكاثف قليلاً. ثم نرفع القدر عن النار ونضيف ماء الورد أو ماء الزهر. نترك الشربات ليبرد تمامًا، فهو يجب أن يكون باردًا عند إضافة بلح الشام الساخن إليه.

القلي: فن الحصول على القرمشة المثالية

عملية القلي هي التي تمنح بلح الشام قوامه المميز.

التحكم في درجة حرارة الزيت

نضع كمية وفيرة من الزيت النباتي في مقلاة عميقة. يجب أن تكون درجة حرارة الزيت معتدلة (حوالي 160-170 درجة مئوية). الزيت الحار جدًا سيحرق بلح الشام من الخارج ويتركه نيئًا من الداخل، بينما الزيت البارد جدًا سيجعله يمتص الكثير من الزيت ويصبح طريًا جدًا.

قلي بلح الشام

نضع قطع بلح الشام في الزيت البارد أو الفاتر أولاً، ثم نرفع الحرارة تدريجيًا. هذا يسمح للعجين بالانتفاخ والطهي من الداخل بشكل متساوٍ قبل أن يتحول لونه إلى الذهبي. نقلب بلح الشام باستمرار باستخدام ملعقة شبكية لضمان تحميره من جميع الجوانب. عندما يصل إلى اللون الذهبي الغامق الجذاب، نرفعه من الزيت.

التشريب بالشربات

فور إخراج بلح الشام من الزيت الساخن، نضعه مباشرة في الشربات البارد. نتركه في الشربات لمدة دقيقة أو اثنتين، مع التقليب المستمر، حتى يتشرب الشربات جيدًا. هذه الخطوة حاسمة لضمان أن الشربات يصل إلى قلب بلح الشام ليمنحه الطراوة والحلاوة اللازمة.

التصفية والتقديم

بعد تشريبه بالشربات، نرفع بلح الشام من الشربات ونضعه في مصفاة للتخلص من أي شربات زائد. يمكن تزيينه بالفستق الحلبي المطحون أو جوز الهند المبشور حسب الرغبة.

نصائح وتعديلات لبلح الشام بالسميد

لتحقيق أفضل النتائج، إليك بعض النصائح الإضافية:

نوع السميد: كما ذكرنا، السميد الناعم هو الأفضل. تجنب استخدام السميد الخشن جدًا.
دقة نسب المكونات: خاصة نسبة الدقيق إلى السميد. قد تحتاج إلى تعديل بسيط حسب نوع السميد والدقيق المستخدم.
اختبار العجين: قبل البدء بالقلي، يمكنك قلي قطعة صغيرة من العجين للتأكد من قوامها ونجاحها.
الشربات البارد: تذكر دائمًا أن الشربات البارد هو سر نجاح تشريب بلح الشام.
القلي على دفعات: لا تزدحم المقلاة بقطع كثيرة من بلح الشام، فهذا سيخفض درجة حرارة الزيت ويؤثر على جودة القلي.
التجربة مع النكهات: يمكن إضافة قليل من بشر البرتقال أو الليمون إلى العجين أو الشربات لإضفاء نكهة منعشة.

الخلاصة: تجربة شرقية بنكهة جديدة

إن بلح الشام بالسميد ليس مجرد وصفة بديلة، بل هو ابتكار يجمع بين أفضل ما في عالم الحلويات الشرقية. إنه يقدم لك قرمشة مميزة، وقوامًا هشًا، ونكهة غنية تتشرب الشربات بعمق. جرب هذه الوصفة، واكتشف بنفسك كيف يمكن لمكون بسيط مثل السميد أن يحدث فرقًا كبيرًا في حلوى كلاسيكية نحبها جميعًا. إنه وعد بتجربة حلوة وشهية، تليق بأن تكون نجمة مائدتك في أي مناسبة.