اضرار كثرة النوم على العين: ما وراء الراحة الظاهرة
في عالم يتسارع فيه إيقاع الحياة، غالبًا ما يُنظر إلى النوم على أنه ملاذ للراحة واستعادة الطاقة. ولكن، كما هو الحال مع معظم الأمور في الحياة، فإن الاعتدال هو المفتاح. فبينما يُعد الحصول على قسط كافٍ من النوم أمرًا حيويًا للصحة العامة، فإن الإفراط فيه قد يحمل في طياته عواقب سلبية، بعضها قد يؤثر بشكل مباشر على صحة أعيننا. قد يبدو الأمر مفاجئًا، فالعيون هي أول ما نلاحظ أنه يتأثر بالتعب أو قلة النوم، ولكن هل تساءلنا يومًا عن تأثير النوم الزائد؟
التأثيرات المباشرة: احمرار، انتفاخ، وجفاف
عندما نقضي وقتًا أطول في النوم مما يحتاجه الجسم، قد نلاحظ بعض التغييرات المزعجة في أعيننا فور الاستيقاظ. من أبرز هذه التغييرات هو الاحمرار. يعود سبب الاحمرار إلى تراكم الدم في الأوعية الدموية الدقيقة في العين نتيجة عدم تحريكها لفترات طويلة. هذا التراكم يؤدي إلى توسع الأوعية وزيادة تدفق الدم، مما يمنح العين مظهرًا محمرًا وغير مريح.
بالإضافة إلى الاحمرار، غالبًا ما يصاحب كثرة النوم انتفاخ حول العينين. هذه الانتفاخات، المعروفة أيضًا بالجيوب تحت العين، تحدث بسبب تراكم السوائل في الأنسجة الرخوة المحيطة بالعين. عندما نستلقي لفترات طويلة، تميل السوائل إلى التجمع في منطقة تحت العين بسبب الجاذبية. كما أن قلة الحركة أثناء النوم يمكن أن تؤثر على الدورة الليمفاوية، مما يعيق تصريف السوائل الزائدة.
أحد التأثيرات الأخرى غير المتوقعة لكثرة النوم هو الشعور بالجفاف. قد يبدو هذا متناقضًا، فالنوم يرتبط عادة بترطيب الجسم، ولكن عند النوم لساعات طويلة جدًا، قد تقل إفرازات الدموع الطبيعية. هذا الانخفاض في الترطيب يمكن أن يؤدي إلى شعور بالحرقة، الحكة، وحتى زغللة في الرؤية.
اضطرابات الدورة الدموية وتأثيرها على العين
لا يقتصر تأثير كثرة النوم على المظهر الخارجي للعين، بل يمتد ليشمل آليات أعمق تتعلق بالدورة الدموية. خلال فترات النوم الطويلة، قد يحدث بعض التباطؤ في الدورة الدموية بشكل عام. هذا التباطؤ قد يؤثر على وصول الأكسجين والمواد المغذية إلى أنسجة العين الحساسة.
الضغط على العين وتغيرات القرنية
عندما نكون في وضع الاستلقاء لفترات طويلة، تتعرض العين لضغط معين، خاصة إذا كانت هناك وسادة أو سطح داعم. هذا الضغط، وإن كان خفيفًا، يمكن أن يؤثر على شكل القرنية بشكل مؤقت. القرنية هي الجزء الأمامي الشفاف من العين المسؤول عن تركيز الضوء. أي تغيير في شكلها، حتى لو كان مؤقتًا، يمكن أن يؤدي إلى تشوش في الرؤية أو ضبابية مؤقتة بعد الاستيقاظ.
تفاقم بعض الحالات العينية
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات عينية موجودة مسبقًا، قد تكون كثرة النوم عاملًا يزيد من تفاقم الأعراض. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من الجلوكوما (ارتفاع ضغط العين) قد يلاحظون زيادة في الضغط داخل العين بعد الاستيقاظ من نوم طويل. هذا يرجع جزئيًا إلى التغيرات في تدفق السوائل داخل العين أثناء فترات الراحة الطويلة.
التأثير على جودة النوم العام
من المفارقات أن محاولة الحصول على “المزيد” من النوم يمكن أن تؤدي في الواقع إلى تقليل جودة النوم الكلية. عندما ننام لفترات طويلة جدًا، قد نخل بنظام الساعة البيولوجية الطبيعي للجسم. هذا الاضطراب يمكن أن يجعل من الصعب علينا الحصول على نوم عميق ومريح في الليالي التالية، مما يؤدي إلى دورة سلبية من النوم المتقطع والإرهاق.
التعامل مع آثار كثرة النوم
لحسن الحظ، فإن معظم الآثار السلبية لكثرة النوم على العين تكون مؤقتة وقابلة للعلاج.
الترطيب هو المفتاح:
استخدام قطرات العين المرطبة: يمكن أن تساعد قطرات العين المتاحة بدون وصفة طبية في تخفيف الجفاف والحرقة.
شرب كمية كافية من الماء: الحفاظ على رطوبة الجسم من الداخل ينعكس إيجابًا على رطوبة العين.
تجنب فرك العينين: قد يؤدي فرك العينين إلى تفاقم الاحمرار والتهيج.
تحسين صحة العين العامة:
الحصول على قسط كافٍ من النوم، وليس أكثر: استهدف 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة.
وضعيات نوم صحية: حاول النوم على ظهرك أو على جانبك مع استخدام وسادة لدعم الرأس، وتجنب الضغط المباشر على العين.
فترات راحة للعين: إذا كنت تقضي وقتًا طويلاً في النوم، فكر في أخذ فترات راحة قصيرة للعين أثناء النهار.
في الختام، بينما يُعتبر النوم ضروريًا لصحتنا، فإن الإفراط فيه يمكن أن يؤثر سلبًا على أعيننا بطرق قد لا نتوقعها. من الاحمرار والجفاف إلى الضغط على القرنية وتفاقم بعض الحالات العينية، فإن الاعتدال في النوم هو السبيل للحفاظ على صحة عيوننا وراحتها. من المهم أن نستمع إلى أجسادنا وأن نحدد احتياجاتنا الفعلية من النوم، بدلًا من اللجوء إلى ساعات نوم مفرطة قد تأتي بنتائج عكسية.
