الشاي الأخضر: فوائد جمة… واضرار خفية عند الإفراط

لطالما ارتبط الشاي الأخضر بسمعته الطيبة كشراب صحي بامتياز، غني بمضادات الأكسدة والمركبات التي تعزز الصحة العامة. يتغنى الكثيرون بفوائده في تحسين عملية الأيض، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، وحتى المساعدة في الوقاية من بعض أنواع السرطان. ولكن، كأي شيء في الحياة، فإن الاعتدال هو المفتاح. فهل تساءلت يومًا عما يحدث لجسمك عندما تتجاوز الحد المسموح به من شرب الشاي الأخضر؟ قد يفاجئك أن الإفراط في استهلاكه يمكن أن يحمل معه بعض الآثار الجانبية غير المرغوب فيها.

تأثير الكافيين: صداع وأرق وتهيج

يعتبر الشاي الأخضر، رغم احتوائه على كمية كافيين أقل من القهوة، مصدرًا للكافيين. وبالنسبة للأشخاص الذين لديهم حساسية للكافيين أو يستهلكونه بكميات كبيرة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مجموعة من المشاكل.

الصداع والدوخة

قد يعاني البعض من الصداع أو الشعور بالدوخة عند الإفراط في تناول الشاي الأخضر، خاصة إذا كانوا غير معتادين على استهلاك الكافيين. قد يكون هذا نتيجة لتأثير الكافيين على الأوعية الدموية في الدماغ.

الأرق واضطرابات النوم

بسبب محتواه من الكافيين، يمكن أن يؤثر شرب كميات كبيرة من الشاي الأخضر، خاصة في وقت متأخر من اليوم، سلبًا على جودة النوم. قد تشعر بالأرق، وصعوبة في الخلود إلى النوم، أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل.

القلق والتوتر

الكافيين منبه للجهاز العصبي المركزي. الإفراط في استهلاكه يمكن أن يزيد من مستويات القلق والتوتر لدى بعض الأفراد، مما يجعلهم يشعرون بالتوتر، والعصبية، وعدم الارتياح.

مشاكل الجهاز الهضمي: حموضة واضطرابات المعدة

يمكن أن يؤثر الشاي الأخضر، خاصة عند شربه على معدة فارغة أو بكميات كبيرة، على الجهاز الهضمي.

حرقة المعدة وعسر الهضم

يحتوي الشاي الأخضر على مركبات تسمى العفص (Tannins)، والتي يمكن أن تزيد من حموضة المعدة لدى بعض الأشخاص. يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بحرقة المعدة، وعسر الهضم، وحتى الغثيان.

امتصاص الحديد

تشير بعض الدراسات إلى أن العفص الموجود في الشاي الأخضر يمكن أن يتداخل مع امتصاص الحديد غير الهيمي (الحديد الموجود في المصادر النباتية). هذا قد يكون مشكلة خاصة للأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد أو المعرضين لخطر الإصابة به، مثل النساء الحوامل أو النباتيين.

التفاعلات الدوائية: تحذيرات هامة

لا يقتصر الأمر على التأثيرات المباشرة على الجسم، بل يمكن أن يتفاعل الشاي الأخضر مع بعض الأدوية.

أدوية سيولة الدم

يحتوي الشاي الأخضر على فيتامين K، والذي يلعب دورًا في تخثر الدم. قد يؤثر استهلاك كميات كبيرة من الشاي الأخضر على فعالية بعض أدوية سيولة الدم، مثل الوارفارين.

منبهات أخرى

نظرًا لأن الشاي الأخضر يحتوي على الكافيين، فإن شربه بكميات كبيرة مع أدوية أو مشروبات أخرى تحتوي على الكافيين (مثل بعض أدوية البرد أو مشروبات الطاقة) يمكن أن يزيد من الآثار الجانبية للكافيين، مثل سرعة ضربات القلب والعصبية.

مشاكل أخرى محتملة

بالإضافة إلى ما سبق، قد تظهر بعض المشاكل الأخرى عند الإفراط في شرب الشاي الأخضر.

مشاكل الكبد

في حالات نادرة جدًا، تم ربط المستخلصات المركزة للشاي الأخضر، وليس الشاي الأخضر نفسه كمشروب، بمشاكل في الكبد. ومع ذلك، فإن شرب الشاي الأخضر كمشروب بكميات معقولة يعتبر آمنًا بشكل عام.

زيادة ضغط العين

يمكن للكافيين الموجود في الشاي الأخضر أن يزيد مؤقتًا من ضغط العين. لذا، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من الجلوكوما (ارتفاع ضغط العين) بالاعتدال في استهلاكه.

متى يعتبر الشاي الأخضر “بكثير”؟

لا يوجد رقم سحري يناسب الجميع، فالأمر يعتمد على الحساسية الفردية للكافيين ومكونات الشاي الأخرى. ومع ذلك، ينصح معظم الخبراء بالاعتدال، وتجنب تجاوز 3-5 أكواب يوميًا. الاستماع إلى جسدك هو أفضل دليل؛ إذا بدأت تشعر بأي من الأعراض المذكورة أعلاه، فقد يكون الوقت قد حان لتقليل الكمية.

في الختام، يظل الشاي الأخضر مشروبًا صحيًا وذا قيمة عند استهلاكه باعتدال. إنه يقدم فوائد صحية عديدة، ولكن كما هو الحال مع كل شيء، فإن الإفراط قد يؤدي إلى نتائج عكسية. لذا، استمتع بكوبك، ولكن تذكر دائمًا أن الاعتدال هو المفتاح للحفاظ على صحتك والاستفادة القصوى من هذا المشروب الرائع.