كثرة النوم.. هل هي رفاهية أم خطر يهدد صحة الرجل؟
في مجتمعنا الذي غالبًا ما يمجد السهر والإنتاجية المستمرة، قد تبدو فكرة النوم لساعات طويلة بمثابة حلم بعيد المنال أو حتى رفاهية مفرطة. ولكن، ما لا يدركه الكثيرون هو أن الإفراط في النوم، تمامًا مثل قلة النوم، يمكن أن يحمل في طياته مجموعة من المخاطر الصحية، خاصة بالنسبة للرجال. إن السعي وراء الراحة المفرطة قد يكون له عواقب سلبية غير متوقعة على صحة الرجل الجسدية والنفسية.
التأثيرات السلبية على الصحة الجسدية
قد يعتقد البعض أن النوم لساعات إضافية هو بمثابة “شحن بطارية” للجسم، ولكنه في الواقع قد يؤدي إلى خلل في توازنات الجسم الدقيقة.
زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب
تشير العديد من الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين النوم المفرط وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. فالرجال الذين ينامون لأكثر من 9 ساعات في الليلة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض الشريان التاجي، السكتات الدماغية، وارتفاع ضغط الدم. يُعتقد أن النوم الزائد قد يؤثر سلبًا على مستويات الالتهاب في الجسم، ويساهم في زيادة الوزن، مما يضع عبئًا إضافيًا على نظام القلب والأوعية الدموية.
زيادة الوزن والسمنة
على الرغم من أن النوم يُفترض أن يكون فترة راحة، إلا أن الإفراط فيه يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن. قلة النشاط البدني المرتبطة بالنوم الطويل، إلى جانب التغيرات الهرمونية التي قد تحدث، يمكن أن تساهم في تراكم الدهون. يلعب هرمون اللبتين، المسؤول عن تنظيم الشهية، دورًا في هذا الأمر؛ حيث قد تؤدي اضطرابات النوم، بما في ذلك النوم المفرط، إلى اختلال مستوياته، مما يزيد من الشعور بالجوع والرغبة في تناول الأطعمة غير الصحية.
ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني
النوم المفرط يمكن أن يؤثر على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم. تشير الأبحاث إلى أن الرجال الذين ينامون لساعات طويلة بشكل منتظم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمقاومة الأنسولين، وهي حالة تمهد الطريق للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. قد يحدث هذا بسبب التأثيرات السلبية للنوم الزائد على عملية التمثيل الغذائي في الجسم.
آلام الظهر والصداع
قد يبدو الأمر غريبًا، ولكن النوم لساعات طويلة يمكن أن يفاقم آلام الظهر. البقاء في وضعية واحدة لفترات طويلة، خاصة على فراش غير مناسب، يمكن أن يسبب ضغطًا على العمود الفقري والعضلات المحيطة به، مما يؤدي إلى الشعور بالألم والتيبس. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني البعض من الصداع النصفي أو الصداع الناتج عن التوتر بسبب اضطرابات دورة النوم والاستيقاظ.
التأثيرات النفسية والعقلية
لا تقتصر أضرار كثرة النوم على الجسد فحسب، بل تمتد لتشمل الصحة النفسية والعقلية للرجل.
الاكتئاب وتفاقم أعراضه
غالبًا ما يكون الاكتئاب مرتبطًا باضطرابات النوم، سواء كانت قلة النوم أو كثرته. بالنسبة للرجال الذين يعانون من الاكتئاب، قد يجد البعض أنفسهم ينامون لفترات أطول بكثير من المعتاد، وهو ما يُعرف بـ “فرط النوم”. في حين أن النوم قد يبدو ملاذًا مؤقتًا، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الشعور بالخمول، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، وزيادة الشعور بالذنب، مما يعزز دائرة الاكتئاب.
مشاكل التركيز والذاكرة
قد يؤدي النوم المفرط إلى شعور بالضبابية الذهنية وضعف القدرة على التركيز. عندما ينام الرجل لساعات طويلة جدًا، قد تتأثر دورات النوم الطبيعية، مما يؤدي إلى الشعور بالنعاس المستمر وصعوبة الحفاظ على الانتباه. هذا بدوره يمكن أن يؤثر على الأداء في العمل، والدراسة، وحتى في المهام اليومية البسيطة.
زيادة خطر الوفاة المبكرة
ربما يكون هذا هو التحذير الأكثر خطورة، حيث تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط بين النوم المفرط وزيادة معدل الوفيات المبكرة. قد لا يكون النوم الزائد هو السبب المباشر، ولكنه قد يكون مؤشرًا على وجود مشاكل صحية كامنة أخرى، أو قد يكون له تأثير سلبي مباشر على أنظمة الجسم الحيوية على المدى الطويل.
لماذا يحدث النوم المفرط؟
يجب التفريق بين الحاجة الطبيعية للنوم، والتي تختلف من شخص لآخر، وبين النوم المفرط الذي يصبح مشكلة. قد يكون النوم المفرط نتيجة لأسباب عديدة، منها:
الحالات الطبية الكامنة: مثل الاكتئاب، اضطرابات الغدة الدرقية، انقطاع التنفس أثناء النوم، أو حتى بعض أنواع الألم المزمن.
العوامل النفسية: مثل التوتر الشديد، القلق، أو محاولة الهروب من مشكلات الحياة.
بعض الأدوية: قد يكون للنوم المفرط كأثر جانبي لبعض الأدوية.
نقص جودة النوم: حتى لو نام الرجل لساعات طويلة، فإن النوم غير المريح أو المتقطع قد يدفعه إلى قضاء وقت أطول في السرير.
متى يجب طلب المساعدة؟
إذا كان الرجل يجد نفسه ينام بشكل مفرط بانتظام، ويؤثر ذلك على حياته اليومية، أو إذا كان يشعر بأي من الأعراض المذكورة أعلاه، فمن الضروري استشارة الطبيب. يمكن للطبيب تقييم الحالة، وتحديد الأسباب الكامنة، ووضع خطة علاج مناسبة. الهدف هو تحقيق توازن صحي في النوم، وليس مجرد إطالة ساعات الراحة دون داعٍ، لضمان صحة الرجل وعافيته على المدى الطويل.
