الشهر الثامن من الحمل: متى يصبح النوم الزائد مصدر قلق؟

يمثل الشهر الثامن من الحمل مرحلة حاسمة، حيث يقترب موعد الولادة وتزداد التغيرات الجسدية والنفسية التي تمر بها المرأة. وبينما يُعد النوم الكافي ضروريًا لصحة الأم والجنين، فإن الإفراط فيه قد يحمل معه بعض المخاوف التي تستحق الانتباه. قد تشعر الحامل برغبة شديدة في النوم خلال هذه الفترة، وهذا أمر طبيعي إلى حد كبير نظرًا للمجهود الذي يبذله جسدها في بناء وتغذية الجنين. ومع ذلك، فإن تجاوز المعدل الطبيعي للنوم قد يشير إلى وجود بعض المشكلات أو قد يؤدي إلى تفاقمها.

لماذا قد تشعر الحامل بالرغبة المفرطة في النوم؟

في الثلث الأخير من الحمل، يزداد حجم الجنين بشكل ملحوظ، مما يضع ضغطًا إضافيًا على جسد الأم. هذا الضغط، بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية الكبيرة، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالإرهاق الشديد والرغبة المستمرة في النوم. غالبًا ما تكون هذه الرغبة استجابة طبيعية من الجسم للحاجة إلى استعادة الطاقة والتعامل مع متطلبات الحمل المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم عوامل أخرى مثل نقص الحديد (الأنيميا)، والذي يعتبر شائعًا في الحمل، في الشعور بالخمول والنعاس. كما أن اضطرابات النوم الليلية، مثل صعوبة التنفس أو آلام الظهر، قد تجعل الحامل تعوض ساعات نومها المفقودة خلال النهار، مما يؤدي إلى زيادة إجمالي ساعات النوم.

الأضرار المحتملة لكثرة النوم في الشهر الثامن

على الرغم من أن الشعور بالنعاس طبيعي، إلا أن الإفراط في النوم، وخاصة إذا كان غير مبرر أو مصحوبًا بأعراض أخرى، قد يكون مؤشرًا على بعض المشكلات أو قد يؤدي إلى تفاقمها.

1. زيادة خطر الإصابة بسكري الحمل

تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط محتمل بين قلة النشاط البدني، والذي قد ينتج عن كثرة النوم، وزيادة خطر الإصابة بسكري الحمل. عندما تكون الحامل قليلة الحركة، فإن جسمها قد لا يستجيب للأنسولين بشكل فعال، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. سكري الحمل يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة الأم والجنين، وقد يزيد من خطر حدوث مضاعفات مثل الولادة المبكرة أو زيادة وزن الجنين.

2. الشعور بالخمول وتقليل النشاط البدني

كثرة النوم غالبًا ما تقود إلى الشعور المستمر بالخمول وعدم الرغبة في الحركة. هذا التقليل في النشاط البدني يمكن أن يكون له آثار سلبية على الأم والجنين. فالنشاط البدني المعتدل خلال الحمل يساعد على تحسين الدورة الدموية، وتقوية العضلات، والحفاظ على وزن صحي، وتخفيف آلام الظهر. وعندما تقل الحركة، قد تزداد هذه الآلام، وتصبح عملية الولادة أكثر صعوبة.

3. التأثير على جودة النوم الليلي

قد يبدو الأمر متناقضًا، لكن الإفراط في النوم خلال النهار يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم الليلي. عندما تحصل الحامل على قسط كبير من الراحة خلال النهار، قد تجد صعوبة في الاستغراق في النوم ليلاً، مما يؤدي إلى الأرق. هذا الدخول والخروج من دورات النوم يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة الراحة التي يحتاجها الجسم.

4. تفاقم بعض الأعراض المصاحبة للحمل

في بعض الحالات، قد تكون كثرة النوم علامة على وجود مشكلة صحية كامنة، مثل فقر الدم الشديد، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو حتى الاكتئاب. إذا كانت الحامل تعاني من هذه الحالات، فإن النوم المفرط قد يكون عرضًا لها، وقد يؤدي إلى تفاقم الشعور بالإرهاق العام وتدهور الحالة المزاجية.

5. احتمالية زيادة وزن الجنين

في حين أن زيادة وزن الجنين قد تكون نتيجة لعوامل متعددة، إلا أن قلة النشاط البدني المرتبط بكثرة النوم قد تساهم في ذلك. عندما لا تقوم الأم بحرق السعرات الحرارية بشكل كافٍ، قد يؤدي ذلك إلى تراكم الدهون وزيادة وزن الجنين بشكل يفوق المعدل الطبيعي، مما قد يستدعي إجراءات طبية خاصة أثناء الولادة.

متى يجب استشارة الطبيب؟

من المهم أن تدرك الحامل الفرق بين الشعور الطبيعي بالإرهاق والرغبة في النوم، وبين كثرة النوم التي قد تكون مؤشرًا على مشكلة. إذا كانت الحامل تنام لأكثر من 10-12 ساعة يوميًا بشكل مستمر، وخاصة إذا كان هذا النوم متبوعًا بشعور شديد بالخمول وعدم القدرة على القيام بالأنشطة اليومية، فمن الضروري استشارة الطبيب. يجب أيضًا الانتباه إلى أي أعراض أخرى قد تصاحب كثرة النوم، مثل:

تورم شديد في القدمين أو اليدين.
صداع مستمر.
ضبابية في الرؤية.
آلام في البطن.
نزيف مهبلي.
قلة حركة الجنين.

هذه الأعراض، إلى جانب كثرة النوم، قد تستدعي تقييمًا طبيًا عاجلاً.

نصائح للحفاظ على توازن صحي

التوازن هو المفتاح. بينما تحتاجين إلى الراحة، يجب أيضًا الحرص على الحركة والنشاط.

الاستماع إلى جسدك: قد تشعرين بالحاجة إلى قيلولة قصيرة خلال النهار، وهذا أمر طبيعي. المهم هو أن لا تطول هذه القيلولة وتؤثر على نومك الليلي.
الحفاظ على جدول نوم منتظم: حاولي الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في أوقات ثابتة قدر الإمكان، حتى في عطلة نهاية الأسبوع.
ممارسة الرياضة الخفيفة: المشي، السباحة، أو اليوغا المخصصة للحوامل يمكن أن تساعد في تحسين الدورة الدموية وتقليل الشعور بالخمول.
اتباع نظام غذائي صحي: تناول وجبات متوازنة وغنية بالحديد والفيتامينات والمعادن ضروري للحفاظ على مستويات الطاقة.
شرب كميات كافية من الماء: الجفاف يمكن أن يزيد من الشعور بالإرهاق.

الشهر الثامن هو فترة تتطلب عناية خاصة، والوعي بأي تغيرات غير طبيعية في نمط النوم قد يساعد في الحفاظ على صحة الأم وسلامة الجنين.