القرفة والحمل في الشهر التاسع: بين الفوائد المحتملة والمخاطر الواجب الحذر منها

يُعد الشهر التاسع من الحمل فترة حساسة ومليئة بالترقب، حيث تتزايد التساؤلات حول كل ما قد يؤثر على صحة الأم والجنين. ومن بين التوابل الشائعة التي تلجأ إليها العديد من النساء، تبرز القرفة بفوائدها الصحية المتعددة، إلا أن استخدامها في هذه المرحلة المتأخرة من الحمل قد يحمل معه بعض المخاوف التي تستدعي الانتباه. فما هي أضرار القرفة المحتملة للحامل في الشهر التاسع، وهل هناك كميات محددة يجب الالتزام بها؟

القرفة: لمحة عن فوائدها العامة

لطالما عُرفت القرفة، سواء كانت سيلانية أو كاسيا، بخصائصها المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة. تشير بعض الدراسات إلى دورها في المساعدة على تنظيم مستويات السكر في الدم، وهو أمر قد يكون ذا أهمية خاصة لبعض الحوامل اللواتي يعانين من سكري الحمل. كما تُستخدم تقليديًا لتخفيف بعض أعراض البرد والإنفلونزا، ولتحسين عملية الهضم. هذه الفوائد العامة تجعلها توابلًا محبوبة في المطبخ، وغالبًا ما تُضاف إلى المشروبات والحلويات والأطباق المختلفة.

مخاوف محتملة عند الإفراط في تناول القرفة خلال الحمل

على الرغم من الفوائد المذكورة، فإن الإفراط في تناول القرفة، خاصة في المراحل المتقدمة من الحمل مثل الشهر التاسع، قد يثير بعض القلق. يعود ذلك بشكل أساسي إلى وجود مركبات معينة في القرفة، أبرزها الكومارين، التي قد تكون لها آثار سلبية عند تناولها بكميات كبيرة.

الكومارين وتأثيره على الكبد:

تُعد القرفة من نوع “كاسيا” (Cassia cinnamon) هي الأكثر شيوعًا في الأسواق، وهي تحتوي على نسبة أعلى من الكومارين مقارنة بالقرفة السيلانية (Ceylon cinnamon). الكومارين هو مركب طبيعي موجود في العديد من النباتات، وقد وُجد أن الإفراط في تناوله يمكن أن يؤثر سلبًا على وظائف الكبد لدى بعض الأفراد، خاصة عند التعرض لكميات كبيرة ولفترات طويلة.

في حين أن الكميات المعتدلة الموجودة في الطعام عادة ما تكون آمنة، إلا أن تناول كميات كبيرة جدًا من القرفة، مثل تلك الموجودة في المكملات الغذائية أو في الاستخدامات العلاجية غير المعتمدة، قد يزيد من خطر التعرض لآثار جانبية مرتبطة بالكومارين. بالنسبة للحامل في الشهر التاسع، حيث تكون أجهزة الجسم تعمل بكفاءة عالية وتتأهب لعملية الولادة، فإن أي عبء إضافي على الكبد قد يكون غير مرغوب فيه.

تأثير الكومارين على تخثر الدم:

بالإضافة إلى تأثيره على الكبد، يُعرف الكومارين بخصائصه المضادة للتخثر. وهذا يعني أنه قد يساهم في منع تجلط الدم. في الظروف الطبيعية، قد تكون هذه الخاصية مفيدة، ولكن بالنسبة للحامل، خاصة في الشهر التاسع، حيث قد تكون هناك حاجة لعملية قيصرية أو قد تحدث مضاعفات تتطلب تدخلاً جراحيًا، فإن أي شيء قد يؤثر على قدرة الدم على التخثر بشكل طبيعي قد يكون مصدر قلق.

تهيج الرحم واحتمالية الولادة المبكرة:

هناك اعتقاد شائع، وإن كان يفتقر إلى أدلة علمية قوية ومؤكدة، بأن بعض أنواع القرفة، عند تناولها بكميات كبيرة، قد تحفز تقلصات الرحم. هذا الأمر يثير القلق بشكل خاص في الشهر التاسع، حيث تكون الأم في انتظار المخاض الطبيعي، وقد يرغب البعض في تحفيز الولادة. ولكن، أي تحفيز غير طبيعي أو غير محسوب قد يكون له عواقب غير مرغوبة، مثل الولادة المبكرة أو مضاعفات أخرى. من الضروري التأكيد على أن هذه المعلومة لا تزال قيد البحث ولم تثبت علميًا بشكل قاطع.

القرفة السيلانية مقابل القرفة الكاسيا: ما الفرق؟

من المهم التفريق بين نوعي القرفة الرئيسيين:

القرفة السيلانية (Ceylon Cinnamon): تُعرف أيضًا بالقرفة “الحقيقية”. تحتوي على نسبة منخفضة جدًا من الكومارين، مما يجعلها الخيار الأكثر أمانًا للاستهلاك بكميات معتدلة.
القرفة الكاسيا (Cassia Cinnamon): هي النوع الأكثر شيوعًا والأقل تكلفة. تحتوي على نسبة أعلى بكثير من الكومارين، ولذلك يجب توخي الحذر عند تناولها بكميات كبيرة.

إذا كنتِ حاملًا وتفضلين استخدام القرفة، فإن اختيار القرفة السيلانية وتناولها بكميات معتدلة كجزء من نظامك الغذائي العادي هو النهج الأكثر أمانًا.

نصائح للحوامل في الشهر التاسع بشأن استهلاك القرفة

الاعتدال هو المفتاح: إذا كنتِ تستخدمين القرفة كبهار في الطهي أو لإضافة نكهة لمشروباتك، فمن المرجح أن تكون الكميات المستخدمة صغيرة جدًا ولن تشكل خطرًا. الهدف هو تجنب تناول كميات كبيرة جدًا، خاصة من قرفة الكاسيا.
استشارة الطبيب: قبل إجراء أي تغييرات كبيرة في نظامك الغذائي، أو إذا كنتِ تفكرين في تناول مكملات القرفة أو استخدامها لأغراض علاجية، فإن استشارة طبيبك أو أخصائي التغذية هي الخطوة الأكثر أهمية. سيتمكنون من تقديم النصح بناءً على حالتك الصحية الفردية وتاريخك الطبي.
تجنب المكملات الغذائية: يُنصح بشدة بتجنب تناول مكملات القرفة المركزة خلال فترة الحمل، خاصة في الشهر التاسع، ما لم يصفها الطبيب بشكل مباشر ولسبب علاجي محدد.
الانتباه للمنتجات المصنعة: قد تحتوي بعض المنتجات المصنعة، مثل المخبوزات أو الحلويات، على كميات كبيرة من القرفة. حاولي قراءة الملصقات الغذائية إذا أمكن، أو تجنبي الإفراط في تناول هذه المنتجات.

خلاصة القول

القرفة توابل غنية بالنكهة والفوائد المحتملة، ولكن الحذر مطلوب عند تناولها بكميات كبيرة، خاصة خلال الشهر التاسع من الحمل. يرتبط القلق الرئيسي بمركب الكومارين الموجود بكميات أكبر في قرفة الكاسيا، والذي قد يؤثر على الكبد ويعيق تخثر الدم. بتناول القرفة باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن، وتفضيل النوع السيلاني، واستشارة الطبيب عند الشك، يمكن للحامل الاستمتاع بنكهتها دون تعريض نفسها أو جنينها لمخاطر غير ضرورية. تذكري دائمًا أن صحتك وصحة طفلك تأتي أولاً.